بسم الله الرحمن الرحيم
اليكم القصة
أجمل قصه عربية قرأتها في حياتي
كَانَ بِشْرُ بْنُ عَوَانَةُ العَبْدِيُّ صُعْلُوكاً. فَأَغَارَ عَلَى رَكْبٍ فِيهِمُ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ، فَتَزَوَّجَ بِهَا، وَقالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَومِ، فَقالَتْ:
أَعْجَبَ بِشْراً حَوَرٌ في عَيْنِي *** وَسَاعِدٌ أَبْيَضُ كالُّـلـجَـيْنِ
وَدُونَهُ مَسْرحَ طَرْفِ العَـيْنِ *** خَمْصَانَةٌ تَرْفُلُ فَي حِجْلَـينِ
أَحْسَنُ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْليَنِ *** لَوْ ضَمَّ بِشْرٌ بَيْنَهَا وَبَـيْنـي
أَدَامَ هَجْرِي وَأَطَالَ بَـيْنِـي *** وَلَوْ يَقِيسُ زَيْنَهَـا بِـزَيْنِـي
لأَسْفَرَ الصُّبْحُ لِذِي عَيْنَيْنِ قَالَ بِشْرٌ: وَيْحَكِ مَنْ عَنَيْتِ؟ فَقَالَتْ: بِنْتَ عَمِّكَ فَاطِمَةَ، فَقالَ: أَهِيَ مِنَ الحُسْنِ بِحَيْثُ وَصَفْتِ؟ قالَتْ: وَأَزْيَدُ وَأَكْثَرُ، فَأَنْشَأ يَقُولُ:
وَيْحَكِ يَا ذَاتَ الثَّـنَـايَا الـبِـيضِ *** مَا خِلْتُنِي مِنْكِ بِمُـسْـتَـعـيضِ
فَالآنَ إِذْ لَوَّحْتِ بِـالـتَّـعْـرِيضِ *** خَلَوْتِ جَوّاً فَاصْفِري وَبِـيِضـي
لاَ ضُمَّ جَفْنَايَ عَلى تَـغْـمِـيضِ *** مَا لَمْ أُشُلْ عِرْضِي مِنَ الحَضِيضِ
فَقَالَتْ:
كَمْ خَاطِبٍ فِي أَمْرِهَا أَلحَّا *** وَهْيَ إِلْيكَ ابْنَةُ عَمٍّ لَحَّـا
ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى عَمِّهِ يَخْطُبُ ابْنَتَهُ، وَمَنَعَهُ العَمُّ أُمْنِيَّتَهُ، فَآلى أَلاَّ يُبقي عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ إِنْ لَمْ يُزَوِّجَهُ ابْنَتَهُ، ثُمَّ كَثُرَتْ مَضَرَّاتُهُ فِيهِمْ، وَاتَّصَلَتْ مَعَرَّاتُهُ إِلَيْهِمْ؛ فَاجْتَمَعَ رِجَالُ الحَيِّ إِلَى عَمِّهِ، وَقَالُوا:كُفَّ عَنَّا مَجْنُونَكَ، فَقَالَ: لاَ تُلْبِسُوني عَاراً، وَأَمْهِلُونِي حَتَّى أُهْلِكَهُ بِبَعْضِ الحِيَلِ، فَقَالُوا: أَنْتَ وَذَاكَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ عَمُّهُ: إِنِّي آلَيْتُ أَنْ لاَ أُزَوِّجَ ابْنَتِي هَذِهِ إِلاَّ مِمَّنْ يَسُوقُ إِلَيْهَا أَلْفَ نَاقَةٍ مَهْراً، وَلا أَرْضَاهَا إِلاَّ مِنْ نُوقِ خُزَاعَةَ، وَغَرَضُ العَمِّ كَانَ أَنْ يَسْلُكَ بِشْرٌ الطَّرِيقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خُزَاعَةَ فَيَفْتَرِسَهُ الأَسَدُ؛ لأَنَّ العَرَبَ قَدْ كَانَتْ تَحَامَتْ عَنْ ذَلكَ الطَّريقِ، وَكَانَ فِيهِ أَسَدٌ يُسَمَّى دَاذاً، وَحَيَّةٌ تُدْعَى شُجَاعاً، يَقُولُ فِيِهِمَا قَائِلهُمْ:
أَفْتَكُ مِنْ دَاذٍ وَمِنْ شُجَاعٍ *** إِنْ يِكُ دَاذٌ سَيِّدَ السِّبَـاعِ
فَإِنَّهَا سَيِّدَةُ الأَفَاعي ثُمَّ إِنَّ بِشْراً سَلَكَ ذَلِكَ الطَّرِيقَ، فَمَا نَصَفَهُ حَتَّى لَقِيَ الأَسَدَ، وَقَمَصَ مُهْرُهُ، فَنَزَلَ وَعَقَرَهُ، ثُمَّ اخْتَرَطَ سَيْفَهُ إِلَى الأَسَدِ، وَاعْتَرَضَهُ، وَقَطَّهُ، ثُمَّ كَتَبَ بِدَمِ الأَسَدِ عَلى قَميصِهِ إِلَى ابْنَةِ عَمِّهِ:
أَفَاطِمُ لَوْ شَهِدْتِ بِبَطْنِ خَـبْـتٍ *** وَقَدْ لاَقى الهِزَبْرُ أَخَاكِ بِشْـرَا
إِذاً لَـرَأَيْتِ لَـيْثـاً زَارَ لَـيْثـاً *** هِزَبْرَاً أَغْلَباُ لاقـى هِـزَبْـرَا
تَبَهْنَسَ ثم أحجم عَنْهُ مُهْـرِي *** مُحَاذَرَةً، فَقُلْتُ: عُقِرْتَ مُهْـرَا
أَنِلْ قَدَمَيَّ ظَهْرَ الأَرْضِ؛ إِنِّـي *** رَأَيْتُ الأَرْضَ أَثْبَتَ مِنْكَ ظَهْرَا
وَقُلْتُ لَهُ وَقَدْ أَبْـدَى نِـصـالاَ *** مُحَدَّدَةً وَوَجْهاً مُـكْـفَـهِـراًّ
يُكَفْـكِـفُ غِـيلَةً إِحْـدَى يَدَيْهِ *** وَيَبْسُطُ للْوُثُوبِ عَلـىَّ أُخْـرَى
يُدِلُّ بِمِخْـلَـبٍ وَبِـحَـدِّ نَـابٍ *** وَبِاللَّحَظاتِ تَحْسَبُهُنَّ جَـمْـرَا
وَفي يُمْنَايَ مَاضِي الحَدِّ أَبْقَـى *** بِمَضْرِبهِ قِراعُ المْـوتِ أُثْـرَا
أَلَمْ يَبْلُغْكَ مَا فَعَـلَـتْ ظُـبـاهُ *** بِكَاظِمَةٍ غَدَاةَ لَقِـيتَ عَـمْـرَا
وَقَلْبِي مِثْلُ قَلْبِكَ لَيْسَ يَخْـشَـى *** مُصَاوَلةً فَكَيفَ يَخَافُ ذَعْرَا ؟!
وَأَنْتَ تَرُومُ للأَشْـبَـالِ قُـوتـاً *** وَأَطْلُبُ لابْنَةِ الأَعْمامِ مَـهْـرَا
فَفِيمَ تَسُومُ مِـثْـلـي أَنْ يُوَلِّـي *** وَيَجْعَلَ في يَدَيْكَ النَّفْسَ قَسْرَا؟
نَصَحْتُكَ فَالْتَمِسْ يا لَيْثُ غَـيْرِي *** طَعَاماً؛ إِنَّ لَحْمِي كَـانَ مُـرَّا
فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّ الغِشَّ نُـصْـحِـى *** وَخالَفَنِي كَأَنِي قُلْتُ هُـجْـرَا
مَشَى وَمَشَيْتُ مِنْ أَسَدَيْنَ رَامـا *** مَرَاماً كانَ إِذْ طَلَبـاهُ وَعْـرَا
هَزَزْتُ لَهُ الحُسَامَ فَخِلْتُ أَنِّـي *** سَلَلْتُ بِهِ لَدَى الظَّلْماءِ فَجْـرَا
وَجُدْتُ لَـهُ بِـجَـائِشَةٍ أَرَتْـهُ *** بِأَنْ كَذَبَتْهُ مَا مَـنَّـتْـهُ غَـدْرَا
وَأَطْلَقْتُ المَهَّنَد مِـنْ يَمِـيِنـي *** فَقَدَّ لَهُ مِنَ الأَضْلاَعِ عَـشْـرَا
فَخَرَّ مُـجَـدَّلاً بِـدَمٍ كَـأنـيَّ *** هَدَمْتُ بِهِ بِناءً مُـشْـمَـخِـرا
وَقُلْتُ لَهُ: يَعِـزُّ عَـلَّـي أَنِّـي *** قَتَلْتُ مُنَاسِبي جَلَداً وَفَـخْـرَا؟
وَلَكِنْ رُمْتَ شَـيْئاً لـمْ يَرُمْـهُ *** سِوَاكَ، فَلمْ أُطِقْ يالَيْثُ صَبْـرَا
تُحاوِلُ أَنْ تُعَلِّمـنِـي فِـرَاراً! *** لَعَمْرُ أَبِيكَ قَدْ حَاوَلْتَ نُـكْـرَا!
فَلاَ تَجْزَعْ؛ فَقَدْ لاقَـيْتَ حُـرًّا *** يُحَاذِرُ أَنْ يُعَابَ؛ فَمُـتَّ حُـرَّا
فَإِنْ تَكُ قَدْ قُتِلْتَ فَلـيْسَ عَـاراً *** فَقَدْ لاَقَيْتَ ذا طَرَفَـيْنِ حُـرَّا
فَلمَّا بَلَغَتِ الأَبْيَاتُ عَمَّهُ نَدِمَ عَلَى ما مَنَعَهُ تَزْوِيجَهَا، وَخَشِيَ أَنْ تَغْتَالَهُ الحَيَّةُ، فَقَامَ في أَثرِهِ، وَبَلَغَهُ وَقَدْ مَلكَتَهُ سَوْرَةُ الحَيَّةِ، فَلمَّا رَأَى عَمَّهُ أَخَذَتْهُ حَمِيَّةُ الجَاهِلِيَّةِ، فَجَعلَ يَدَهُ فِي فَمِ الحَيَّةِ وَحَكَّمَ سَيْفَهُ فِيهَا، فَقَالَ:
بِشْرٌ إِلَى المَجْدِ بَعِيدٌ هَمُّهُ *** لَمَّا رآهُ بِالعَرَاءِ عَمُّـهُ
قدْ ثَكِلَتْهُ نَفْسُـهُ وَأُمُّـهُ *** جَاشَتْ بِهِ جَائِشَةٌ تَهُمُّهُ
قَامَ إِلَى ابْنٍ للفَلاَ يَؤُمُّـهُ *** فَغَابَ فِيهِ يَدُهُ وَكُـمُّـهُ
وَنَفْسُهُ نَفْسِي وَسَمِّي سَمُّهُ
فَلَمَّا قَتَلَ الحَيَّةَ قَالَ عَمُّهُ: إِنيِّ عَرَّضْتُكَ طَمَعاً في أَمْرٍ قَدْ ثَنَى اللهُ عِنَانِي عَنْهُ، فارْجِعْ لأَزَوِّجَكَ ابْنَتِي، فَلَمَّا رَجَعَ جَعَلَ بِشرٌ يَمْلأُ فَمَهُ فَخْراً، حَتَّى طَلَعَ أَمْرَدُ كَشِقِّ القَمَرِ على فَرَسِهِ مُدَجَّجَاً في سِلاَحِهِ، فَقَالَ بِشْرٌ: يَا عَمُّ إِني أَسْمَعُ حِسَّ صَيْدٍ، وَخَرَجَ فَإِذَا بِغُلامٍ عَلى قَيْدٍ، فَقالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يا بِشْرُ! أَنْ قَتَلْتَ دُودَةً وَبَهِيمَةً تمَلأُ ماضِغَيْكَ فَخْراً؟ أَنْتَ في أَمَانٍ إِنْ سلَّمْتَ عمَّكَ فَقَالَ بِشْرٌ مَنْ أَنْتَ لا ُأَّم لكَ قَالَ اليَوْمُ الأَسْوَدُ والمَوْتُ الأَحْمَرُ، فَقالَ بِشْرٌ: ثَكِلَتْكَ مَنْ سَلَحَتْكَ، فَقالَ: يَا بِشْرُ وَمَنْ سَلَحَتْكَ، وَكَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا علَى صَاحِبِهِ، فَلَمْ يَتَمكَّنْ بِشْرٌ مِنْهُ، وَأَمكَنَ الغُلاَمَ عِشْرُونَ طَعْنَةً في كُلْيَةِ بِشْرٍ، كُلَّمَا مَسَّهُ شَبَا السِّنانِ حَمَاهُ عَنْ بَدَنِهِ إبِقْاَءً عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا بِشْرُ كَيْفَ تَرَى؟ أَلَيْسَ لَوْ أَرَدْتُ لأَطْعَمْتُكَ أَنْيَابَ الرُّمْحِ؟ ثُمَّ أَلْقَى رُمْحَهُ واسْتَلَّ سَيْفَهُ فَضَربَ بِشْراً عِشْرينَ ضرْبةً بِعَرْضِ السَّيْفِ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ بِشْرٌ مِنْ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ قَالَ: يَا بِشْرُ سَلِّمْ عَمَّكَ وَاذْهَبْ فِي أَمانٍ، قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنْ بِشَريطَةِ أَنْ تَقُولَ منْ أَنْتَ، فَقَالَ: أَنَا ابْنُكَ، فقالَ: يَا سُبْحَانَ اللهِ مَا قَارَنْتُ عَقِيَلةً قَطُّ فَأَنَّى لِي هَذِهِ المِنْحَةُ؟؟ فَقَالَ: أَنَا ابْنُ المَرْأَةِ التِّي دَلَّتْكَ عَلى ابْنَةِ عَمِّكَ، فَقالَ بِشْرٌ:
تِلْكَ العَصَا مِنْ هَذِهِ العُصَيَّةْ *** هَلْ تَلِدُ الحَيَّةَ إِلاَّ الحَـيَّةْ!
منتديات مدرسة المشاغبين - منتدى الجريمه حوادث كوارث جرائم احداث عالميه وقضايا ساخنه الاتجاه المعاكس
ارجوا ان تعجبكم