منتديات البيت السعيد
تفسير سورة المائدة 0shRs
منتديات البيت السعيد
تفسير سورة المائدة 0shRs
منتديات البيت السعيد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةمحرك بحثأحدث الصورالتسجيلدخول
أنت غير مسجل يا زائر فى منتديات البيت السعيد . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

 

 تفسير سورة المائدة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عتوكي
مشرف
مشرف
عتوكي


بلدي : العراق
تاريخ التسجيل : 07/09/2011

تفسير سورة المائدة Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة المائدة   تفسير سورة المائدة I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 07, 2011 2:55 am

الغرض الجامع في السورة على ما يعطيه التدبر في مفتتحها و مختتمها، و عامة الآيات الواقعة فيها، و الأحكام و المواعظ و القصص التي تضمنتها هو الدعوة إلى الوفاء بالعهود و حفظ المواثيق الحقة كائنة ما كانت، و التحذير البالغ عن نقضها و عدم الاعتناء بأمرها، و أن عادته تعالى جرت بالرحمة و التسهيل و التخفيف على من اتقى و آمن ثم اتقى و أحسن و التشديد على من بغى و اعتدى و طغا بالخروج عن ربقة العهد بالطاعة، و تعدى حدود المواثيق المأخوذة عليه في الدين.

و لذلك ترى السورة تشتمل على كثير من أحكام الحدود و القصاص، و على مثل قصة المائدة، و سؤال المسيح، و قصة ابني آدم، و على الإشارة إلى كثير من مظالم بني إسرائيل و نقضهم المواثيق المأخوذة منهم، و على كثير من الآيات التي يمتن الله تعالى فيها على الناس بأمور كإكمال الدين، و إتمام النعمة، و إحلال الطيبات، و تشريع ما يطهر الناس من غير أن يريد بهم الحرج و العسر.

و هذا هو المناسب لزمان نزول السورة إذ لم يختلف أهل النقل أنها آخر سورة مفصلة نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أواخر أيام حياته و قد ورد في روايات الفريقين: أنها ناسخة غير منسوخة، و المناسب لذلك تأكيد الوصية بحفظ المواثيق المأخوذة لله تعالى على عباده و للتثبت فيها.

قوله تعالى.

«يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود» العقود جمع عقد و هو شد أحد شيئين بالآخر نوع شد يصعب معه انفصال أحدهما عن الآخر، كعقد الحبل و الخيط بآخر من مثله، و لازمه التزام أحدهما الآخر، و عدم انفكاكه عنه، و قد كان معتبرا عندهم في الأمور المحسوسة أولا ثم استعير فعمم للأمور المعنوية كعقود المعاملات الدائرة بينهم من بيع أو إجارة أو غير ذلك، و كجميع العهود و المواثيق فأطلقت عليها الكلمة لثبوت أثر المعنى الذي عرفت أنه اللزوم و الالتزام فيها.

و لما كان العقد - و هو العهد - يقع على جميع المواثيق الدينية التي أخذها الله من عباده من أركان و أجزاء كالتوحيد و سائر المعارف الأصلية و الأعمال العبادية و الأحكام المشروعة تأسيسا أو إمضاء، و منها عقود المعاملات و غير ذلك، و كان لفظ العقود أيضا جمعا محلى باللام لا جرم كان الأوجه حمل العقود في الآية على ما يعم كل ما يصدق عليه أنه عقد.

و بذلك يظهر ضعف ما ذكره بعض المفسرين أن المراد بالعقود العقود التي يتعاقدها الناس بينهم كعقد البيع و النكاح و العهد، أو يعقدها الإنسان على نفسه كعقد اليمين.

و كذا ما ذكره بعض آخر: أن المراد بها العهود التي كان أهل الجاهلية عاهد بعضهم بعضا فيها على النصرة و المؤازرة على من يقصدهم بسوء أو يبغي عليهم، و هذا هو الحلف الدائر بينهم.

و كذا ما ذكره آخرون: أن المراد بها المواثيق المأخوذة من أهل الكتاب بالعمل بما في التوراة و الإنجيل فهذه وجوه لا دليل على شيء منها من جهة اللفظ.

على أن ظاهر الجمع المحلى باللام و إطلاق العقد عرفا بالنسبة إلى كل عقد و حكم لا يلائمها، فالحمل على العموم هو الأوجه.

كلام في معنى العقد


يدل الكتاب كما ترى من ظاهر قوله تعالى: «أوفوا بالعقود» على الأمر بالوفاء بالعقود، و هو بظاهره عام يشمل كل ما يصدق عليه العقد عرفا مما يلائم الوفاء.

و العقد هو كل فعل أو قول يمثل معنى العقد اللغوي، و هو نوع ربط شيء بشيء آخر بحيث يلزمه و لا ينفك عنه كعقد البيع الذي هو ربط المبيع بالمشتري ملكا بحيث كان له أن يتصرف فيه ما شاء، و ليس للبائع بعد العقد ملك و لا تصرف، و كعقد النكاح الذي يربط المرأة بالرجل بحيث له أن يتمتع منها تمتع النكاح، و ليس للمرأة أن تمتع غيره من نفسها، و كالعهد الذي يمكن فيه العاهد المعهود له من نفسه فيما عهده و ليس له أن ينقضه.

و قد أكد القرآن في الوفاء بالعقد و العهد جميع معانيه و في جميع معانيه و في جميع مصاديقه و شدد فيه كل التشديد، و ذم الناقضين للمواثيق ذما بالغا، و أوعدهم إيعادا عنيفا و مدح الموفين بعهدهم إذا عاهدوا في آيات كثيرة لا حاجة إلى نقلها.

و قد أرسلت الآيات القول فيه إرسالا يدل على أن ذلك مما يناله الناس بعقولهم الفطرية، و هو كذلك.

و ليس ذلك إلا لأن العهد و الوفاء به مما لا غنى للإنسان في حياته عنه أبدا، و الفرد و المجتمع في ذلك سيان، و إنا لو تأملنا الحياة الاجتماعية التي للإنسان وجدنا جميع المزايا التي نستفيد منها و جميع الحقوق الحيوية الاجتماعية التي نطمئن إليها مبنية على أساس العقد الاجتماعي العام و العقود و العهود الفرعية التي تترتب عليه، فلا نملك من أنفسنا للمجتمعين شيئا و لا نملك منهم شيئا إلا عن عقد عملي و إن لم نأت بقول فإنما القول لحاجة البيان، و لو صح للإنسان أن ينقض ما عقده و عهد به اختيارا لتمكنه منه بقوة أو سلطة أو بطش أو لعذر يعتذر به كان أول ما انتقض بنقضه هو العدل الاجتماعي، و هو الركن الذي يلوذ به و يأوي إليه الإنسان من إسارة الاستخدام و الاستثمار.

و لذلك أكد الله سبحانه في حفظ العهد و الوفاء به قال تعالى: «و أوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا»: إسراء: 34 و الآية تشمل العهد الفردي الذي يعاهد به الفرد الفرد مثل غالب الآيات المادحة للوفاء بالعهد و الذامة لنقضه كما تشمل العهد الاجتماعي الدائر بين قوم و قوم و أمة و أمة، بل الوفاء به في نظر الدين أهم منه بالعهد الفردي لأن العدل عنده أتم و البلية في نقضه أعم.


و لذلك أتى الكتاب العزيز في أدق موارده و أهونها نقضا بالمنع عن النقض بأصرح القول و أوضح البيان قال تعالى: «براءة من الله و رسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر و اعلموا أنكم غير معجزي الله و أن الله مخزي الكافرين و أذان من الله و رسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين و رسوله فإن تبتم فهو خير لكم و إن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله و بشر الذين كفروا بعذاب أليم إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقضوكم شيئا و لم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم و خذوهم و احصروهم و اقعدوا لهم كل مرصد»: براءة: 5 و الآيات كما يدل سياقها نزلت بعد فتح مكة و قد أذل الله رقاب المشركين، و أفنى قوتهم و أذهب شوكتهم، و هي تعزم على المسلمين أن يطهروا الأرض التي ملكوها و ظهروا عليها من قذارة الشرك، و تهدر دماء المشركين من دون أي قيد و شرط إلا أن يؤمنوا، و مع ذلك تستثني قوما من المشركين بينهم و بين المسلمين عهد عدم التعرض، و لا تجيز للمسلمين أن يمسوهم بسوء حينما استضعفوا و استذلوا فلا مانع من ناحيتهم يمنع و لا دافع يدفع، كل ذلك احتراما للعهد و مراعاة لجانب التقوى.

نعم على ناقض العهد بعد عقده أن ينقض العهد الذي نقضه و يتلقى هباء باطلا، اعتداء عليه بمثل ما اعتدى به، قال تعالى: «كيف يكون للمشركين عهد عند الله و عند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين - إلى أن قال - لا يرقبون في مؤمن إلا و لا ذمة و أولئك هم المعتدون فإن تابوا و أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة فإخوانكم في الدين و نفصل الآيات لقوم يعلمون و إن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم و طعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون»: براءة: 12، و قال تعالى: «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم و اتقوا الله»: البقرة: 149، و قال تعالى: «و لا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان و اتقوا الله»: المائدة: 2.

و جملة الأمر أن الإسلام يرى حرمة العهد و وجوب الوفاء به على الإطلاق سواء انتفع به العاهد أو تضرر بعد ما أوثق الميثاق فإن رعاية جانب العدل الاجتماعي ألزم و أوجب من رعاية أي نفع خاص أو شخصي إلا أن ينقض أحد المتعاهدين عهده فللمتعاهد الآخر نقضه بمثل ما نقضه و الاعتداء عليه بمثل ما اعتدى عليه، فإن في ذلك خروجا عن رقية الاستخدام و الاستعلاء المذمومة التي ما نهض ناهض الدين إلا لإماطتها.

و لعمري إن ذلك أحد التعاليم العالية التي أتى بها دين الإسلام لهداية الناس إلى رعاية الفطرة الإنسانية في حكمها و التحفظ على العدل الاجتماعي الذي لا ينتظم سلك الاجتماع الإنساني إلا على أساسه و إماطة مظلمة الاستخدام و الاستثمار، و قد صرح به الكتاب العزيز و سار به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في سيرته الشريفة، و لو لا أن البحث بحث قرآني لذكرنا لك طرفا من قصصه عليه أفضل الصلاة و السلام في ذلك، و عليك بالرجوع إلى الكتب المؤلفة في سيرته و تاريخ حياته.

و إذا قايست بين ما جرت عليه سنة الإسلام من احترام العهد و ما جرت عليه سنن الأمم المتمدنة و غير المتمدنة و لا سيما ما نسمعه و نشاهده كل يوم من معاملة الأمم القوية مع الضعيفة في معاهداتهم و معاقداتهم و حفظها لها ما درت لهم أو استوجبته مصالح دولتهم و نقضها بما يسمى عذرا وجدت الفرق بين السنتين في رعاية الحق و خدمة الحقيقة.

و من الحري بالدين ذاك و بسننهم ذلك فإنما هناك منطقان: منطق يقول: إن الحق تجب رعايته كيفما كان و في رعايته منافع المجتمع، و منطق يقول: إن منافع الأمة تجب رعايتها بأي وسيلة اتفقت و إن دحضت الحق، و أول المنطقين منطق الدين، و ثانيهما منطق جميع السنن الاجتماعية الهمجية أو المتمدنة من السنن الاستبدادية و الديموقراطية و الشيوعية و غيرها.

و قد عرفت مع ذلك أن الإسلام في عزيمته في ذلك لا يقتصر على العهد المصطلح بل يعمم حكمه إلى كل ما بني عليه بناء و يوصي برعايته و لهذا البحث أذيال ستعثر عليها في مستقبل الكلام إن شاء الله تعالى.


قوله تعالى: «أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم» إلخ الإحلال هو الإباحة و البهيمة اسم لكل ذي أربع من دواب البر و البحر على ما في المجمع، و على هذا فإضافة البهيمة إلى الأنعام من قبيل إضافة النوع إلى أصنافه كقولنا: نوع الإنسان و جنس الحيوان، و قيل: البهيمة جنين الأنعام، و عليه فالإضافة لامية.

و كيف كان فقوله «أحلت لكم بهيمة الأنعام» أي الأزواج الثمانية أي أكل لحومها، و قوله «إلا ما يتلى عليكم» إشارة إلى ما سيأتي من قوله: «حرمت عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهل لغير الله به» الآية.

و قوله «غير محلي الصيد و أنتم حرم» حال من ضمير الخطاب في قوله «أحلت لكم» و مفاده حرمة هذا الذي أحل إذا كان اصطياده في حال الإحرام، كالوحشي من الظباء و البقرة و الحمر إذا صيدت، و ربما قيل: إنه حال من قوله «أوفوا» أو حال من ضمير الخطاب في قوله «يتلى عليكم» و الصيد مصدر بمعنى المفعول، كما أن الحرم بضمتين جمع الحرام بمعنى المحرم اسم فاعل.

قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله و لا الشهر الحرام و لا الهدي و لا القلائد و لا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم و رضوانا» خطاب مجدد للمؤمنين يفيد شدة العناية بحرمات الله تعالى.

و الإحلال هو الإباحة الملازمة لعدم المبالاة بالحرمة و المنزلة، و يتعين معناه بحسب ما أضيف إليه: فإحلال شعائر الله عدم احترامها و تركها، و إحلال الشهر الحرام عدم حفظ حرمته و القتال فيه، و هكذا.

و الشعائر جمع شعيرة و هي العلامة، و كان المراد بها أعلام الحج و مناسكه.

و الشهر الحرام ما حرمه الله من شهور السنة القمرية و هي: المحرم و رجب و ذو القعدة و ذو الحجة.

و الهدي ما يساق للحج من الغنم و البقر و الإبل.

و القلائد جمع قلادة، و هي ما يقلد به الهدي في عنقه من نعل و نحوه ليعلم أنه هدي للحج فلا يتعرض له.

و الآمين جمع آم اسم فاعل من أم إذا قصد، و المراد به القاصدون لزيارة البيت الحرام.

و قوله «يبتغون فضلا»، حال من «آمين» و الفضل هو المال، أو الربح المالي فقد أطلق عليه في قوله تعالى «فانقلبوا بنعمة من الله و فضل لم يمسسهم سوء»: آل عمران: 147 و غير ذلك أو هو الأجر الأخروي أو الأعم من المال و الأجر.

و قد اختلفوا في تفسير الشعائر و القلائد و غيرهما من مفردات الآية على أقوال شتى، و الذي آثرنا ذكره هو الأنسب لسياق الآية، و لا جدوى في التعرض لتفاصيل الأقوال.

قوله تعالى: «و إذا حللتم فاصطادوا» أمر واقع بعد الحظر لا يدل على أزيد من الإباحة بمعنى عدم المنع، و الحل و الإحلال - مجردا و مزيدا فيه - بمعنى و هو الخروج من الإحرام.

قوله تعالى: «و لا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا» يقال: جرمه يجرمه أي حمله، و منه الجريمة للمعصية لأنها محمولة من حيث وبالها، و للعقوبة المالية و غيرها لأنها محمولة على المجرم.

و ذكر الراغب أن الأصل في معناها القطع.

و الشنآن العداوة و البغض.

و قوله «أن صدوكم» أي منعوكم بدل أو عطف بيان من الشنآن، و محصل معنى الآية: و لا يحملنكم عداوة قوم و هو أن منعوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا عليهم بعد ما أظهركم الله عليهم.


قوله تعالى: «و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان» المعنى واضح، و هذا أساس السنة الإسلامية، و قد فسر الله سبحانه البر في كلامه بالإيمان و الإحسان في العبادات و المعاملات، كما مر في قوله تعالى: «و لكن البر من آمن بالله و اليوم الآخر» الآية: البقرة: 177 و قد تقدم الكلام فيه.

و التقوى مراقبة أمر الله و نهيه، فيعود معنى التعاون على البر و التقوى إلى الاجتماع على الإيمان و العمل الصالح على أساس تقوى الله، و هو الصلاح و التقوى الاجتماعيان، و يقابله التعاون على الإثم الذي هو العمل السيىء المستتبع للتأخر في أمور الحياة السعيدة، و على العدوان و هو التعدي على حقوق الناس الحقة بسلب الأمن من نفوسهم أو أعراضهم أو أموالهم و قد مر شطر من الكلام في هذا المعنى في ذيل قوله تعالى: «يا أيها الذين ءامنوا اصبروا و صابروا و رابطوا» الآية: آل عمران: 200 في الجزء الرابع من هذا الكتاب.

ثم أكد سبحانه نهيه عن الاجتماع على الإثم و العدوان بقوله: «و اتقوا الله إن الله شديد العقاب» و هو في الحقيقة تأكيد على تأكيد.

قوله تعالى: «حرمت عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهل لغير الله به» هذه الأربعة مذكورة فيما نزل من القرآن قبل هذه السورة كسورتي الأنعام و النحل و هما مكيتان، و سورة البقرة و هي أول سورة مفصلة نازلة بالمدينة قال تعالى: «قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ و لا عاد فإن ربك غفور رحيم»: الأنعام: 154 و قال تعالى: «إنما حرم عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ و لا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم»: البقرة: 137.

و الآيات جميعا - كما ترى - تحرم هذه الأربعة المذكورة في صدر هذه الآية و تماثل الآية أيضا في الاستثناء الواقع في ذيلها بقوله: «فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم» فآية المائدة بالنسبة إلى هذه المعاني المشتركة بينها و بين تلك مؤكدة لتلك الآيات.

بل النهي عنها و خاصة عن الثلاثة الأول أعني الميتة و الدم و لحم الخنزير أسبق تشريعا من نزول سورتي الأنعام و النحل المكيتين، فإن آية الأنعام تعلل تحريم الثلاثة أو خصوص لحم الخنزير بأنه رجس، فتدل على تحريم أكل الرجز، و قد قال تعالى في سورة المدثر - و هي من السور النازلة في أول البعثة -: «و الرجز فاهجر»: المدثر: 5.

و كذلك ما عده تعالى بقوله «و المنخنقة و الموقوذة و المتردية و النطيحة و ما أكل السبع» جميعا من مصاديق الميتة بدليل قوله «إلا ما ذكيتم» فإنما ذكرت في الآية لنوع عناية بتوضيح أفراد الميتة و مزيد بيان للمحرمات من الأطعمة من غير أن تتضمن الآية فيها على تشريع حديث.


يتبع...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير سورة المائدة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة الناس
» تفسير سورة الكوثر
» تفسير سورة الانبياء
» تفسير سورة البقرة
» تفسير سورة ال عمران

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات البيت السعيد :: القسم الديني :: تفـــسيـر القرآن | Interpretation of the Koran-
انتقل الى: